السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض الدروس والعبر لكل زوجين
في بيت خولة
هي خولة بنت ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف، من ربات الفصاحة والبلاغة، تزوجها أوس بن الصامت بن قيس أخو عبادة بن الصامت رضي الله عنهما. وهو ممن شهد بدراً وأُحُداً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنجبت منه خولة ولدهما (الربيع)وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه).
راجعت خولة بنت ثعلبة زوجها أوس بن الصامت بشيء فغضب فقال: (أنتِ علي كظهر أمي، ثم خرج الزوج بعد أن قال ما قال فجلس في نادي القوم ساعة ثم دخل عليها يريدها عن نفسها، ولكن يقظة الضمير وحساسية الشعور عند خولة أبت أن توافقه حتى تعلم حكم الله في مثل هذا الحدث الذي يحدث لأول مرة في تاريخ الإسلام. فقالت: كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلصن إليّ ).
وخرجت خولة حتى جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ما أمرنا في أمرك بشيء.. ما أعلمك إلا قد حرمت عليه]، والمرأة المؤمنة تعيد الكلام تبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد يصيبها وابنها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أعلمك إلا قد حرمت عليه" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/sup][1]). وما كادت المرأة تفرغ من دعائها حتى تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه عند نزول الوحي، ثم سرى عنه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآناً ثم قرأ عليها ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ إلى قوله… ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (سورة المجادلة، الآيات من 1-4). ثم بين لها رسول الله كفارة الظهار فقال لها: [مريه فليعتق رقبة] فقالت: يا رسول الله ما عنده ما يعتق، فقال: [فليصم شهرين متتابعين] قالت: والله إنه لشيخ كبير ما له من صيام. قال: [فليطعم ستين مسكيناً من تمر] فقالت: والله يا رسول الله ما ذاك عنده. فقال عليه الصلاة والسلام: [فإنا نستعينه بعذق من تمر]. فقالت خولة يا رسول الله وأنا أستعينه بعذق آخر. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: [قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم أستوصي بابن عمك خيراً]. ففعلت ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/sup][2]).
الدرس الأول: عواقب الغضب.
"راجعت خولة بنت ثعلبة زوجها أوس بشيء فغضب فقال كلمته التي قال... "
الغضب وراء الكثير من المشكلات التي زلزلت الكثير من الأسر فصدع بناءها وفرّق أبناءها.. وإنا نوصيك أيتها الأخت الكريمة بوصايا لتجاوز عواقب الغضب فنقول:
1- ابتعدي عن أسباب الخلاف وذلك بإيثار طاعة الزوج على رغبات النفس طاعة لله عز وجل تماماً كما يمتنع الصائم عن شهوات نفسه حال صومه، قال صلى الله عليه وسلم: [المرأة إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت] حسنه الألباني.
2- الزمي السكوت عند الغضب حتى لا تنطقي كلاماً تندمين عليه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: [إذا غضب أحدكم فليسكت] صححه الألباني. واعلمي أن من أكبر أسباب الطلاق مراجعة الزوجة لزوجها حال غضبه.
3- أتركي المكان الذي أنت فيه، كأن تنتقلي من الصالة إلى الغرفة أو بالعكس. والمهم أن تتحولي عن موضع الشجار. ولذلك خرج علي رضي الله عنه عند خلافه مع فاطمة إلى المسجد (حديث خلاف علي مع فاطمة في صحيح البخاري).
4- تذكري ما أعده الله عز وجل لمن كظموا غيظهم وألجموا غضبهم بلجام التقوى كما قال صلى الله عليه وسلم: [من كظم غيظاً، ولو شاء يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة] صحيح الجامع.
5- تذكري المصائب التي نتجت عن الغضب.. من طلاق وفراقٍ للزوج والأبناء.
الدرس الثاني: سؤال أهل العلم عمّا يجهله المسلم..
﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾.
مما أمتاز به نساء السلف:
حرصهن على تعلم أمور الدين والسؤال عما يجهلنه. عن أبي سعيد الخدري: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن… البخاري (101).
قال الحافظ في (الفتح) (1/196): "وفي الحديث ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص على تعلم أمور الدين".
بل ولم يقف الحياء عائق لهن وهنّ الحييّات العفائف من تعلم العلم والسؤال عما يجهلنه من أمور دينهن.. ولذلك أمتدحت عائشة نساء الأنصار – فقالت: "نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" رواه البخاري في كتاب العلم (1/228 الفتح).
- والذي يطلع على كتب السنة يجد الكثير من مسائل النساء للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره.. أيضاً.. فبعض النساء كن يسألن أمهات المؤمنين.. أو أزواجهن من أهل العلم والرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم..
- فهذه أم سليم تسأل عن احتلام المرأة وهل عليها غسل.
- وهذه أسماء تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية غسل المرأة من الحيض وكيفية تطهرها من الدم..
- وهذه أخرى تسأل عن هل يجوز الكذب على الضرة.. فتقول: إن لي ضرةً فهل علي جناح أن أتشبع من مال زوجي بما لم يعطني؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور]رواه البخاري" الفتح 9/317 .
الدرس الثالث: التوقف حتى التبين أو العلم قبل العمل..
"كلا والذي نفس خولة بيده. لا تخلصن إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه"..
- هكذا كان رد خولة.. لابد من علم حكم الله في الواقعة قبل مباشرة الحياة الزوجية..
- وهكذا كانت نساء السلف في حرصهن على العلم بالأعمال قبل الإقدام عليها ومما يروى في ذلك..
- عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيّهما أهدي؟ قال: [إلى أقربها منك باباً] (1).
- وفيه إرشاد لما كانوا عليه من تقديم العلم على العمل و يتضح ذلك من سؤالها النبي صلى الله عليه وسلم قبل إقدامها على الفعل. ولذا قال الحافظ في (الفتح) (10/447) وفيه تقديم العلم على العمل".